أن تكون حقيقيا في هذا الزمن!! جريده عين

أن تكون حقيقيا في هذا الزمن، أن تكون جادا موهوبا حكيما لديك ماتقوله، هذه تهمة تطاردك حتي من أقرب الناس إليك، فالجميع يبحث عن أبسط الطرق لتعطيل الدماغ وتحطيمها إن أمكن.

< سألت مغنية شابة: ماهو شعورك حين يطلب منك المنتج أو المخرج أن تتخلي عن قطعة من ملابسك من أجل قطعة من النجاح؟

الإجابة النموذجية: من قال لك أنني أخلع ملابسي أصلا ، أنا فقط أرتديها!

الأصل في فن الغناء الحديث هو أن تقدم المغنية نفسها للجمهور كما ولدتها أمها، ثم تغطي أجزاء منها بما تيسر بعد ذلك.
< رفعت مغنية نصف شابة قضية علي صحفي تطالبه بتعويض نصف مليون جنيه لأنه كتب: أنها تغني من مناطق أخري غير فمها! في المحكمة سألها القاضي: أين تعلمتي الغناء ياسيدتي؟ قالت: في الحمام ونطق القاضي ببراءة الصحفي فهو كان محقا لأنها لم تتعلم الغناء من فمها أصلا. هذه نكتة ليس إلا، لكنها تشبه إلي حد كبير الحقيقة.

< قل لي من فضلك كم صوت اليوم يملك صوتاً، أو يملك ـ للدقة ـ دماً!

< في الاقتصاد نظرية مشهورة بدقتها وغرابتها ..«العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق..» في سوق الغناء تم استبعاد أصوات جميلة من مساحة الضوء والعمل لمجرد ان اصواتهم جميلة، هذه الأصوات المهمة بعضها الآن يتسول، أعيدها مرة أخري بالتصوير البطيء .. «يتتسسسووول»... هل نأمل بعد ذلك أن هناك صوتا جميلا موهوبا في مدن وقري وحواري مصر سيخرج للنور، سيفكر أصلا في أن يحلم بالغناء .

< سافر مطرب مشهور إلي هولندا هاربا من ديونه، وعاش في بيوت المعجبين بفنه يأكل ويشرب مقابل ان يغني لهم كل ليلة في بيت أحدهم، ومطرب آخر هرب إلي الإسكندرية وعاش في بنسيون مقابل ان يغني للزبائن ويتعشي في المطبخ آخر الليل، واعتزلت مطربة مهمة وموهوبة بعد أن أصيبت بالاكتئاب الشديد بسبب استبعادها من أحد الحفلات الكبيرة لمصلحة مغنية لبنانية .

< كشف لي مطرب موهوب جدا من أربعة أحرف أن إحدي زوجاته كانت تدفعه للغناء التافه ليحصل لها علي المزيد من الفلوس، وكانت تسخر منه إذا قال لها إنه وقع عقدا مع الاوبرا لحفل يغني فيه أغنيات محمد عبد الوهاب، وكانت تقول له : خليه ينفعك . وطلقها بعد أن خسر كل ثروته ونصف موهبته وربع أحترامه لنفسه، وبعد أن أدمن مايجعله ينسي أنه موهوب.

لقد اعتزل مطرب في حجم محمد الحلو، وفي الأسباب التي أعلنها ..«لا أحب أن أغني في زمن لايحترم الغناء».. وهو غادر الموقعة وترك الباب موارباً للعودة، لكن مطرباً بصبر محمد منير رفض ان يترك المساحة التي ملأها ويملاها، وهو يدفع في سبيل ذلك الكثير من الأرق والعرق والدموع والخوف والوقت، وكنت قد ناشدت محمد الحلو أن يعود وهو يملك وجمهوره شغوف بأغنياته مهما كان الحال، وناشدت محمد منير أن يعطي تجربته لمن يريد، وهو يملك تجربة طويلة عميقة في فن البقاء رغم كل الظروف الصعبة.

< وأختم بالسؤال التالي: لمن تتوقع السيطرة في المرحلة المقبلة، لغناء المنشطات أم لغناء المسكنات؟؟؟